فصل: (فَصْلٌ): (تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى



.(فَرْعٌ): [في المصافحةِ]:

(تُسَنُّ مُصَافَحَةُ رَجُلٍ لِرَجُلٍ، وَ) مُصَافَحَةُ (امْرَأَةٍ لِامْرَأَةٍ)، لِحَدِيثِ قَتَادَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسٍ: «أَكَانَتْ الْمُصَافَحَةُ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ فَتَصَافَحَا؛ تَنَاثَرَتْ خَطَايَاهُمَا كَمَا يَتَنَاثَرُ وَرَقُ الشَّجَرِ وَرُوِيَ تَحَاتَّتْ خَطَايَاهُمَا، وَكَانَ أَحَقُّهُمَا بِالْأَجْرِ أَبَشَّهُمَا بِصَاحِبِهِ» (وَلَا يَنْزِعُ يَدَهُ مِنْ يَدِ مُصَافِحِهِ حَتَّى يَنْزِعَهَا)، أَيْ: يَدَهُ مِنْ يَدِهِ لِمَا فِي نَزْعِ يَدِهِ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ الْإِعْرَاضِ عَنْهُ (إلَّا لِحَاجَةٍ كَحَيَاءِ) هـ مِنْهُ (وَنَحْوِهِ) كَمَضَرَّةٍ بِالتَّأْخِيرِ. (وَلَا بَأْسَ بِمُصَافَحَةِ مُرْدٍ لِمَنْ وَثِقَ مِنْ نَفْسِهِ) عَدَمَ الْوُقُوعِ فِي مَحْظُورٍ، (وَقَصَدَ تَعْلِيمَهُمْ)، أَيْ: الْمُرْدِ (حُسْنَ الْخُلُقِ)، ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ وَالرِّعَايَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ، وَاتِّقَاءِ الْمَفْسَدَةِ. (وَحَرُمَ مُصَافَحَةُ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ شَابَّةٍ)، أَيْ: حَسْنَاءَ، لِأَنَّهَا شَرٌّ مِنْ النَّظَرِ إلَيْهَا، أَمَّا الْعَجُوزُ غَيْرُ الْحَسْنَاءِ فَلِلرَّجُلِ مُصَافَحَتُهَا، لِعَدَمِ الْمَحْظُورِ. (وَلَا بَأْسَ بِمُعَانَقَةٍ) قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: تُسْتَحَبُّ زِيَارَةُ الْقَادِمِ، وَمُعَانَقَتُهُ، وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ، قَالَ: وَإِكْرَامُ الْعُلَمَاءِ، وَأَشْرَافِ الْقَوْمِ بِالْقِيَامِ لَهُمْ سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ، قَالَ وَيُكْرَهُ أَنْ يَطْمَعَ فِي قِيَامِ النَّاسِ لَهُ. انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: إلَّا لِلْإِمَامِ الْعَادِلِ وَالْوَالِدَيْنِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَالْوَرَعِ وَالْكَرَمِ وَالنَّسَبِ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِهِ فِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ، وَكَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ، وَقَاسَهُ عَلَى الْمُهَادَاةِ لَهُمْ، قَالَ: وَيُكْرَهُ لِأَهْلِ الْمَعَاصِي وَالْفُجُورِ، وَاَلَّذِي يُقَامُ إلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَسْتَكْبِرَ نَفْسُهُ إلَيْهِ، وَلَا تَطْلُبَهُ، وَالنَّهْيُ قَدْ وَقَعَ عَلَى السُّرُورِ بِذَلِكَ الْحَالِ، فَإِذَا لَمْ يُسَرَّ بِالْقِيَامِ إلَيْهِ، وَقَامُوا إلَيْهِ؛ فَغَيْرُ مَمْنُوعٍ مِنْهُ، ذَكَرَهُ فِي الْآدَابِ.
(وَ) لَا بَأْسَ بِـ (تَقْبِيلِ رَأْسِ وَيَدِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَنَحْوِهِمْ)، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: «قَدِمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ الْمَدِينَةَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَهُ» حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَفِي حَدِيثِ «ابْنِ عُمَرَ فِي قِصَّةٍ قَالَ فِيهَا فَدَنَوْنَا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبَّلْنَا يَدَهُ» رَوَاه أَبُو دَاوُد. وَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ قَالَ: «قَالَ يَهُودِيٌّ لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا إلَى هَذَا النَّبِيِّ، فَأَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَاهُ عَنْ تِسْعِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ.. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إلَى قَوْلِهِ: فَقَبَّلُوا يَدَهُ وَرِجْلَهُ، وَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيٌّ» رَوَاه التِّرْمِذِيُّ. فَيُبَاحُ تَقْبِيلُ الْيَدِ وَالرَّأْسِ تَدَيُّنًا وَإِكْرَامًا وَاحْتِرَامًا مَعَ أَمْنِ الشَّهْوَةِ، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ إبَاحَتِهِ لِأَمْرِ الدُّنْيَا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ النَّهْيُ، قَالَهُ الْحَجَّاوِيُّ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ.
(وَ) لَا بَأْسَ بِـ (الْقِيَامِ لَهُمْ) لِمَا تَقَدَّمَ، وَلِحَدِيثِ: «قُومُوا لِسَيِّدِكُمْ». (وَكُرِهَ تَقْبِيلُ فَمِ غَيْرِ زَوْجَةٍ وَسُرِّيَّةٍ) مُبَاحَةٍ لَهُ لِأَنَّهُ قَلَّ أَنْ يَقَعَ كَرَامَةً. (وَيَتَّجِهُ: هَذَا)، أَيْ: تَقْبِيلُ الْفَمِ مَكْرُوهٌ فِعْلُهُ: (فِي مَحَارِمِهِ) خَشْيَةَ تَحَرُّكِ الشَّهْوَةِ الْمُفْضِيَةِ لِلْوُقُوعِ فِي الْمُحَرَّمِ، (وَإِلَّا؛ فَ) تَقْبِيلُ فَمِ (الْأَجْنَبِيَّةِ) الْمُشْتَهَاةِ (حَرَامٌ) بِشَهْوَةٍ. وَدُونَهَا. وَأُمًّا تَقْبِيلُ الرَّجُلِ فَمَ الرَّجُلِ، وَالْمَرْأَةِ فَمَ الْمَرْأَةِ؛ فَمَكْرُوهٌ مَعَ أَمْنِ ثَوَرَانِ الشَّهْوَةِ، وَإِلَّا فَحَرَامٌ بِلَا رَيْبٍ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.

.(فَصْلٌ): [تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ]:

(تَشْمِيتُ عَاطِسٍ مُسْلِمٍ حَمِدَ) فَرْضُ عَيْنٍ مِنْ وَاحِدٍ، (وَإِجَابَتُهُ) مَنْ شَمَّتَهُ (فَرْضُ) عَيْنٍ، (وَ) تَشْمِيتُهُ (مِنْ جَمْعٍ) فَرْضُ (كِفَايَةٍ) كَرَدِّ السَّلَامِ، (فَتَشْمِيتُهُ)، أَيْ: الْعَاطِسِ: قَوْلُ سَامِعِهِ لَهُ: (يَرْحَمُكَ اللَّهُ، أَوْ: يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ)، لِحَدِيثِ أَبِي مُوسَى مَرْفُوعًا «إذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ، فَحَمِدَ اللَّهَ؛ فَشَمِّتُوهُ، فَإِذَا لَمْ يَحْمَدْ؛ فَلَا تُشَمِّتُوهُ» رَوَاه أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ. (وَجَوَابُهُ)، أَيْ: الْعَاطِسِ: (يُهْدِيكُمْ اللَّهُ، وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ: هَذَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ (زَادَ فِي الرِّعَايَةِ: {وَيُدْخِلُكُمْ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَكُمْ})، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: أَوْ يَقُولُ: غَفَرَ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ. (وَكُرِهَ تَشْمِيتُ مَنْ لَمْ يَحْمَدْ)، لِحَدِيثِ أَبِي مُوسَى، وَتَقَدَّمَ. (وَلَا يُذَكَّرُ نَاسٍ)، لِظَاهِرِ الْخَبَرِ السَّابِقِ، (وَلَا بَأْسَ بِتَذْكِيرِهِ) لِمَا رَوَى الْمَرُّوذِيُّ أَنَّ رَجُلًا عَطَسَ عِنْدَ أَحْمَدَ، فَلَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ، فَانْتَظَرَهُ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ فَيُشَمِّتَهُ، فَلَمْ يَحْمَدْ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ، قَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: كَيْفَ تَقُولُ إذَا عَطَسْتَ؟ قَالَ: أَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ. (وَيُعَلَّمُ صَغِيرٌ وَقَرِيبُ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ) وَكَذَلِكَ يُعَلَّمُ مَنْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ، لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْجَهْلِ بِذَلِكَ. وَلَا يُسْتَحَبُّ تَشْمِيتُ الذِّمِّيِّ نَصًّا، فَإِنْ قِيلَ لَهُ: يَهْدِيكُمْ اللَّهُ جَازَ إذْ لَا مَحْذُورَ فِيهِ (وَيُقَالُ لِصَبِيٍّ عَطَسَ وَحَمِدَ: بُورِكَ فِيك أَوْ) يُقَالُ لَهُ: (جَبَرَكَ اللَّهُ أَوْ) يُقَالُ لَهُ: (يَرْحَمُكَ اللَّهُ) قَالَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ، وَرُوِيَ «أَنَّهُ عَطَسَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلَامٌ لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ يَا غُلَامُ» رَوَاه الْحَافِظُ السَّلَفِيُّ فِي انْتِخَابِه. (وَلِلتَّشْمِيتِ إلَى ثَلَاثٍ)، أَيْ: فَإِنْ عَطَسَ ثَانِيًا وَحَمِدَ شَمَّتَهُ، وَإِنْ عَطَسَ ثَالِثًا شَمَّتَهُ قَالَ صَالِحٌ لِأَبِيهِ: يُشَمَّتُ الْعَاطِسُ فِي مَجْلِسٍ ثَلَاثًا؟ قَالَ: أَكْثَرُ مَا قِيلَ فِيهِ ثَلَاثًا وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ مَرْفُوعًا «يُشَمَّتُ الْعَاطِسُ ثَلَاثًا فَمَا زَادَ فَهُوَ مَزْكُومٌ» (وَفِي رَابِعَةٍ يَدْعُو لَهُ بِالْعَافِيَةِ) إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ شَمَّتَهُ قَبْلَهَا ثَلَاثًا (وَالِاعْتِبَارُ بِفِعْلِ التَّشْمِيتِ لَا بِعَدَدِ عَطَسَاتٍ) فَلَوْ عَطَسَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ مُتَوَالِيَاتٍ شَمَّتَهُ بَعْدَهَا إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ تَشْمِيتٌ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ: قَوْلًا وَاحِدًا (وَلَا يُشَمِّتُ) الرَّجُلُ (شَابَّةً، وَلَا تُشَمِّتُهُ) كَمَا فِي رَدِّ السَّلَامِ، وَتُشَمِّتُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، وَيُشَمِّتُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ، وَيُشَمِّتُ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ الْعَجُوزَ الْبَرْزَةَ لِأَمْنِ الْفِتْنَةِ (وَلَا يُجِيبُ الْمُتَجَشِّئَ بِشَيْءٍ، فَإِنْ حَمِدَ) اللَّهَ (قَالَ لَهُ) سَامِعُهُ: (هَنِيئًا مَرِيئًا، أَوْ هَنَّأَكَ اللَّهُ وَأَمْرَاكَ) ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَابْنُ تَمِيمٍ وَكَذَا ابْنُ عَقِيلٍ، وَقَالَ: وَلَا يُعْرَفُ فِيهِ سُنَّةٌ بَلْ هُوَ عَادَةٌ مَوْضُوعَةٌ، قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا: إذَا تَجَشَّأَ الرَّجُلُ يَنْبَغِي أَنْ يَرْفَعَ وَجْهَهُ إلَى فَوْقٍ لِكَيْ لَا يُخْرِجَ مِنْ فِيهِ رَائِحَةً فَيُؤْذِيَ بِهِ النَّاسَ، وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَجُلًا تَجَشَّأَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: كُفَّ عَنَّا جُشَاءَكَ فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ شِبَعًا أَكْثَرُهُمْ جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
(وَإِذَا عَطَسَ خَمَّرَ)، أَيْ: غَطَّى (وَجْهَهُ) لِئَلَّا يَتَأَذَّى غَيْرُهُ بِبُصَاقِهِ (وَغَضَّ) أَيْ: خَفَضَ (صَوْتَهُ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّهُ كَانَ إذَا عَطَسَ غَطَّى وَجْهَهُ بِثَوْبِهِ وَيَدِهِ، ثُمَّ غَضَّ بِهَا صَوْتَهُ» حَدِيثٌ صَحِيحٌ. (وَلَا يَلْتَفِتُ يَمِينًا، وَ) لَا (شِمَالًا، وَحَمِدَ اللَّهَ جَهْرًا لِيُسْمَعَ فَيُشَمَّتَ) قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: إذَا عَطَسَ الْإِنْسَانُ اسْتَدَلَّ عَلَى صِحَّةِ بَدَنِهِ، وَجَوْدَةِ هَضْمِهِ، وَاسْتِقَامَةِ قُوَّتِهِ، فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ، وَلِذَلِكَ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ وَفِي الْبُخَارِيِّ «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ» لِأَنَّ الْعُطَاسَ يَدُلُّ عَلَى خِفَّةِ بَدَنٍ وَنَشَاطٍ، وَالتَّثَاؤُبَ غَالِبًا لِثِقَلِ الْبَدَنِ، وَامْتِلَائِهِ وَاسْتِرْخَائِهِ فَيَمِيلُ إلَى الْكَسَلِ فَأَضَافَهُ إلَى الشَّيْطَانِ، لِأَنَّهُ يُرْضِيهِ أَوْ مِنْ تَسَبُّبِهِ لِدُعَائِهِ إلَى الشَّهَوَاتِ.

.(فَرْعٌ): [آدابُ الِاسْتِئْذَانِ]:

(يَجِبُ اسْتِئْذَانُ دَاخِلٍ وَلَوْ عَلَى قَرِيبٍ) قَطَعَ بِهِ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَالسَّامِرِيُّ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ فِي قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} قَالَ: لَا يَجُوزُ أَنْ تَدْخُلَ بَيْتَ غَيْرِكَ إلَّا بِاسْتِئْذَانٍ كَهَذِهِ الْآيَةِ (فَإِنْ أُذِنَ لَهُ) فِي الدُّخُولِ دَخَلَ (وَإِلَّا) يُؤْذَنْ لَهُ فِي الدُّخُولِ (رَجَعَ) وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ اسْتِئْذَانُهُ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يُجَابَ قَبْلَهَا (وَلَا يُزِيدُ) فِي اسْتِئْذَانِهِ (عَلَى ثَلَاثِ) مَرَّاتٍ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثٌ، فَإِنْ أُذِنَ لَكَ، وَإِلَّا فَارْجِعْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (إلَّا أَنْ يَظُنَّ عَدَمَ سَمَاعِهِمْ) لِلِاسْتِئْذَانِ فَيَزِيدُ بِقَدْرِ مَا يَظُنُّ أَنَّهُمْ سَمِعُوهُ، قَالَ الْحَجَّاوِيُّ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ: وَصِفَةُ الِاسْتِئْذَانِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ؟ «وَاسْتَأْذَنَ رَجُلٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتٍ، فَقَالَ: أَأَلِجُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَادِمِهِ اُخْرُجْ إلَى هَذَا فَعَلِّمْهُ الِاسْتِئْذَانَ، فَقَالَ لَهُ: قُلْ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ فَأَذِنَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ» رَوَاه أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَابْنُ حِمْدَانَ، وَقِيلَ: يَقُولُ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ فَقَطْ. انْتَهَى.
وَيَجْلِسُ حَيْثُ انْتَهَى بِهِ الْمَجْلِسُ لِلْأَخْبَارِ. «وَلَعَنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ جَلَسَ وَسْطَ الْحَلْقَةِ» رَوَاه أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ. وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا، لِلْحَدِيثِ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

.كِتَابُ الزَّكَاةِ:

وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ: زَكَا يَزْكُو؛ إذَا نَمَا، أَوْ تَطَهَّرَ، يُقَالُ: زَكَا الزَّرْعُ: إذَا نَمَا وَزَادَ وَقَالَ تَعَالَى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا}، أَيْ: طَهَّرَهَا عَنْ الْأَدْنَاسِ، وَتُطْلَقُ عَلَى الْمَدْحِ، قَالَ تَعَالَى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} وَعَلَى الصَّلَاحِ، يَقُولُ: رَجُلٌ زَكِيٌّ، أَيْ: زَائِدُ الْخَيْرِ، مِنْ قَوْمٍ أَزْكِيَاءَ، وَزَكَّى الْقَاضِي الشُّهُودَ؛ إذَا بَيَّنَ زِيَادَتَهُمْ فِي الْخَيْرِ، وَسُمِّيَ الْمَالُ الْمُخْرَجُ زَكَاةً، لِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي الْمُخْرَجِ مِنْهُ، وَيَقِيهِ الْآفَاتِ، وَأَصْلُ التَّسْمِيَةِ قَوْله تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} وَقِيلَ: لِأَنَّهَا تُطَهِّرُ مُؤَدِّيَهَا مِنْ الْإِثْمِ، وَتُنَمِّي أَجْرَهُ، وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: إنَّهَا تُنَمِّي الْفُقَرَاءَ. (أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ) وَمَبَانِيهِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ»: فَذَكَرَ مِنْهَا: وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ. (وَفُرِضَتْ بِالْمَدِينَةِ)، ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّر وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ طَلَبُهَا، وَبَعْثُ السُّعَاةِ لِقَبْضِهَا، فَهَذَا بِالْمَدِينَةِ، وَلِهَذَا قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: إنَّ الظَّاهِرَ فِي إسْقَاطِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ مُعَارَضَةٌ بِظَوَاهِرَ تَقْتَضِي وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي كُلِّ مَالٍ، كَقَوْلِهِ: {وَاَلَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} وَاحْتَجَّ فِي أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَجِبُ عَلَى كَافِرٍ فِعْلُهَا، وَيُعَاقَبُ بِهَا بِقَوْلِهِ {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يُؤْتَوْنَ الزَّكَاةَ} وَالسُّورَةُ مَكِّيَّةٌ، مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ الْمُفَسِّرِينَ فَسَّرُوا الزَّكَاةَ فِيهَا بِالتَّوْحِيدِ انْتَهَى.
وَقَالَ الْحَافِظُ شَرَفُ الدِّينِ الدِّمْيَاطِيُّ: إنَّهَا فُرِضَتْ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ بَعْدَ زَكَاةِ الْفِطْرِ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ الزَّكَوَاتِ، وَفِي تَارِيخِ ابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ أَنَّهَا فُرِضَتْ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَقِيلَ: فُرِضَتْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَبُيِّنَتْ بَعْدَهَا. (وَهِيَ) أَيْ: الزَّكَاةُ شَرْعًا: (حَقٌّ وَاجِبٌ) يَأْتِي تَقْدِيرُهُ فِي أَبْوَابِ الْمُزَكِّيَاتِ، (فِي مَالٍ خَاصٍّ) يَأْتِي بَيَانُهُ (لِطَائِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ) وَهُمْ: الْأَصْنَافُ الثَّمَانِيَةُ الْمُشَارُ إلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ}.. الْآيَةَ، (بِوَقْتٍ مَخْصُوصٍ)، هُوَ: تَمَامُ الْحَوْلِ فِي الْمَاشِيَةِ وَالْأَثْمَانِ وَعُرُوضِ التِّجَارَةِ وَعِنْدَ اشْتِدَادِ الْحَبِّ فِي الْحُبُوبِ، وَعِنْدَ بُدُوِّ الثَّمَرَةِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، وَعِنْدَ حُصُولِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْ الْعَسَلِ، وَاسْتِخْرَاجِ مَا تَجِبُ فِيهِ مِنْ الْمَعَادِنِ، وَعِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ لَيْلَةِ الْفِطْرِ، لِوُجُوبِ زَكَاةِ الْفِطْرِ. وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: وَاجِبٌ: الْحَقُّ الْمَسْنُونُ، كَابْتِدَاءِ السَّلَامِ، وَاتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ، وَبِقَوْلِهِ: فِي مَالٍ: رَدُّ السَّلَامِ وَنَحْوُهُ، وَبِقَوْلِهِ: خَاصٍّ: مَا يَجِبُ فِي كُلِّ الْأَمْوَالِ، كَالدُّيُونِ وَالنَّفَقَاتِ، وَبِقَوْلِهِ: لِطَائِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ: نَحْوُ الدِّيَةِ، لِأَنَّهَا لِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ، وَبِقَوْلِهِ: بِوَقْتٍ مَخْصُوصٍ: نَحْوُ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ. (وَالْمَالُ الْخَاصُّ) الْمَذْكُورُ: (سَائِمَةُ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ)، وَهِيَ: الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ، سُمِّيَتْ بَهِيمَةً لِأَنَّهَا لَا تَتَكَلَّمُ، وَيَأْتِي بَيَانُ السَّوْمِ.
(وَ) سَائِمَةُ (بَقَرِ الْوَحْشِ وَغَنَمِهِ)، هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، لِشُمُولِ اسْمِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ لَهُمَا، (خِلَافًا لِلْمُوَفَّقِ وَجَمْعٌ)، مِنْهُمْ: صَاحِبُ الْوَجِيزِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَابْنُ رَزِينٍ، (وَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ ذَلِكَ) الْأَهْلِيُّ وَالْوَحْشِيُّ وَالسَّائِمُ (وَغَيْرُهُ) كَالْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الظِّبَاءِ وَالْغَنَمِ وَبَيْنَ السَّائِمَةِ وَالْمَعْلُوفَةِ تَغْلِيبًا لِلْوُجُوبِ. (وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْ الْمَنْفَعَةَ)، كَمَا لَوْ أَوْصَى بِنِصَابِ سَائِمَةٍ لِشَخْصٍ، فَإِنَّهُ يُزَكِّيهَا مَالِكُ الْأَصْلِ. (وَالْخَارِجُ مِنْ أَرْضٍ) مِنْ حُبُوبٍ وَثِمَارٍ وَمَعْدِنٍ وَرِكَازٍ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ.
(وَ) مِنْ (نَحْلٍ) لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ. (وَالْأَثْمَانُ) وَهِيَ: الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ. (وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ)، وَيَأْتِي بَيَانُ الْمُزَكَّيَاتِ فِي أَبْوَابِهَا مُفَصَّلَةً. (و لَا زَكَاةَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْأَمْوَالِ) إذَا لَمْ تَكُنْ لِلتِّجَارَةِ، حَيَوَانًا كَانَ الْمَالُ، كَالرَّقِيقِ وَالطُّيُورِ وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالظِّبَاءِ، سَائِمَةً أَوْ لَا، أَوْ غَيْرَ حَيَوَانٍ، كَاللَّآلِئِ وَالْجَوَاهِرِ وَالثِّيَابِ وَالسِّلَاحِ، وَآلَاتِ الصُّنَّاعِ وَأَثَاثِ الْبُيُوتِ وَالْأَشْجَارِ وَالنَّبَاتِ وَالْأَوَانِي، (وَلَوْ) كَانَ الْمَالُ (عَقَارًا) مِنْ دُورٍ وَأُرَاضِيَن (مُعَدًّا لِكِرَاءٍ) أَوْ لِسُكْنَى لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَفَرَسِهِ صَدَقَةٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَبِي دَاوُد: «لَيْسَ فِي الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ زَكَاةٌ إلَّا زَكَاةَ الْفِطْرِ» وَقِيسَ عَلَى ذَلِكَ بَاقِي الْمَذْكُورَاتِ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ إلَّا لِدَلِيلٍ، وَلَا دَلِيلَ فِيهَا.

.[شُرُوطُ الزَّكَاةِ]:

(وَشُرُوطُهَا)- أَيْ: الزَّكَاةِ، (وَلَيْسَ مِنْهَا)، أَيْ: الشُّرُوطِ (بُلُوغٌ وَ) لَا (عَقْلٌ) فَتَجِبُ فِي مَالِ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ، لِعُمُومِ الْحَدِيثِ «أَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» رَوَاه الْجَمَاعَةُ. وَرَوَى الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ مَرْفُوعًا: «انْتَمُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لَا تُذْهِبُهَا أَوْ لَا تَسْتَهْلِكُهَا الصَّدَقَةُ» وَكَوْنُهُ مُرْسَلًا غَيْرُ ضَارٍ، لِأَنَّهُ حُجَّةٌ عِنْدَنَا، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عُمَرُ وَابْنه وَعَلِيٌّ وَابْنه الْحَسَنُ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعَائِشَةُ، وَرَوَاهُ الْأَثْرَمُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ وَهُمَا مِنْ أَهْلِهَا كَالْمَرْأَةِ، بِخِلَافِ الْجِزْيَةِ وَالْعَقْلِ، (أَرْبَعَةٌ):
أَحَدُهَا: (الْإِسْلَامُ).
(وَ) الثَّانِي: (الْحُرِّيَّةُ)، وَ(لَا) يُشْتَرَطُ (كَمَالُهَا)، أَيْ: الْحُرِّيَّةِ، (فَيَجِبُ) الزَّكَاةُ (عَلَى مُبَعَّضٍ بِقَدْرِ مِلْكِهِ) مِنْ الْمَالِ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ، لِتَمَامِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ.
وَ(لَا) تَجِبُ زَكَاةٌ عَلَى (كَافِرٍ)، لِحَدِيثِ مُعَاذٍ حِين بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْيَمَنِ: «إنَّك تَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَادْعُهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَك بِذَلِكَ؛ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّهَا أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، فَلَمْ تَجِبْ عَلَى كَافِرٍ كَالصِّيَامِ. (وَلَوْ) كَانَ الْكَافِرُ (مُرْتَدًّا)، لِأَنَّهُ كَافِرٌ، فَأَشْبَهَ الْأَصْلِيَّ، فَإِذَا أَسْلَمَ لَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُ لِزَمَنِ رِدَّتِهِ، لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}، وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ» (وَلَا) تَجِبُ زَكَاةٌ عَلَى (رَقِيقٍ)، لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِتَمْلِيكٍ مِنْ سَيِّدٍ أَوْ غَيْرِهِ. (وَلَوْ) كَانَ (مُكَاتَبًا)، لِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا: «لَيْسَ فِي مَالِ الْمُكَاتَبِ زَكَاةٌ حَتَّى يَعْتِقَ» رَوَاه الدَّارَقُطْنِيّ. وَقَالَهُ جَابِرٌ وَابْنُ عُمَرَ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمَا مُخَالِفٌ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ، وَلِأَنَّ تَعَلُّقَ حَاجَتِهِ إلَى فَكِّ رَقَبَتِهِ مِنْ الرِّقِّ بِمَالِهِ أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِ حَاجَةِ الْحُرِّ الْمُفْلِسِ بِمَسْكَنِهِ وَثِيَابِ بِذْلَته، فَكَانَ بِإِسْقَاطِ الزَّكَاةِ عَنْهُ أَوْلَى وَأَحْرَى. (وَلَا يَمْلِكُ رَقِيقٌ غَيْرُهُ)، أَيْ: الْمُكَاتَبَ. (وَلَوْ مَلَكَ) مِنْ سَيِّدِهِ أَوْ غَيْرِهِ، لِأَنَّهُ مَالٌ فَلَا يَمْلِكُ الْمَالَ كَالْبَهَائِمِ، فَمَا جَرَى فِيهِ صُورَةُ تَمْلِيكٍ مِنْ سَيِّدِهِ لِعَبْدِهِ زَكَاتُهُ عَلَى السَّيِّدِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ، (فَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا) أَوْ أَمَةً، (وَوَهَبَهُ شَيْئًا) زَكَوِيًّا، (ثُمَّ ظَهَرَ أَنْ الْعَبْدَ) أَوْ الْأَمَةَ (كَانَ حُرًّا، فَلَهُ)، أَيْ السَّيِّدَ (أَخْذُ مَا وَهَبَهُ لَهُ)، لِأَنَّهُ إنَّمَا وَهَبَهُ لَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَلَكَهُ، فَإِذَا تَبَيَّنَ خِلَافُهُ رَجَعَ بِهِ.

.(فَرْعٌ): [هل تَجِبُ الزَّكَاةُ في مَالٍ مَوْقُوفٍ لِجَنِينٍ]؟

(لَا تَجِبُ) الزَّكَاةُ (فِي مَالٍ مَوْقُوفٍ لِجَنِينٍ)، أَيْ: الَّذِي وُقِفَ لَهُ فِي إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ، (لِأَنَّهُ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ)، أَيْ: الْجَنِينِ (أَحْكَامُ الدُّنْيَا) مَا دَامَ حَمْلًا (إلَّا فِي عِتْقٍ)، كَمَا لَوْ كَانَ رَقِيقًا وَعَتَقَهُ سَيِّدُهُ، ثُمَّ انْفَصِلْ حَيًّا، فَثَبَتَتْ لَهُ الْحُرِّيَّةُ بِالْعِتْقِ (عَنْ غَيْرِ كَفَّارَةٍ)، أَمَّا عَنْهَا فَلَا يُجْزِئُ بَدَلًا.
(وَ) إلَّا (فِي إرْثٍ وَ) إلَّا فِي (وَصِيَّةٍ)، أَيْ: فَيَمْلِكُ مَا وَرِثَهُ أَوْ وَصَّى لَهُ بِهِ مِلْكًا مُرَاعًا (بِشَرْطِ خُرُوجِهِ حَيًّا)، قَالَهُ الْمُوَفَّقُ، لِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ مِلْكُهُ حِينَئِذٍ فَيُزْكِيهِ وَلِيُّهُ إذَا حَالَ عَلَيْهِ حَوْلٌ مِنْ حِينِ تَمَامِ الْمِلْكِ، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ حَيًّا تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا، فَيُزَكِّي مَا وُقِفَ لَهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ، لِأَنَّهُ مِلْكُهُمْ، وَأَمَّا وَصِيٌّ لَهُ بِهِ فَزَكَاتُهُ عَلَى الْمُوصِي، لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ. (وَيَتَّجِهُ): بِـ (احْتِمَالٍ) قَوِيٍّ.
(وَ) لَوْ خَرَجَ الْجَنِينُ الْمَوْقُوفُ إرْثُهُ (مَيِّتًا، يَنْفُذْ تَصَرُّفٌ) صَدَرَ مِنْ (وَارِثٍ) فِي ذَلِكَ الْمَالِ الْمَوْقُوفِ قُبَيْلَ خُرُوجِ الْجَنِينِ، لِعَدَمِ ثُبُوتِ مِلْكِهِ، كَمَا لَوْ بَاعَ مَالَ مُورِثِهِ ظَانًّا أَنَّهُ حَيٌّ، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَيًّا حِينَ الْبَيْعِ، فَيَصِحُّ، لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا بِمَا ظَنَّ الْمُكَلَّفُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ (الثَّالِثُ: مِلْكُ نِصَابٍ)، وَهُوَ سَبَبُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ أَيْضًا، فَلَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَبْلُغَ نِصَابًا لِمَا يَأْتِي فِي بَابِهِ، وَيَكُونُ النِّصَابُ (تَقْرِيبًا فِي أَثْمَانٍ وَ) قِيَمِ (عُرُوضِ) تِجَارَةٍ، (فَلَا يَضُرُّ نَقْصٌ) يَسِيرٌ كَحَبَّةٍ وَ(حَبَّتَيْنِ)، لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ غَالِبًا، فَهُوَ كَنَقْصِ الْحَوْلِ سَاعَةً أَوْ سَاعَتَيْنِ، وَلِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِالْمُوَاسَاةِ، لِأَنَّ النَّقْصَ الْيَسِيرَ لَا حُكْمَ لَهُ فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ كَالْعَمَلِ الْيَسِيرِ فِي الصَّلَاةِ، وَانْكِشَافٍ يَسِيرٍ مِنْ الْعَوْرَةِ، وَالْعَفْوِ عَنْ يَسِيرِ الدَّمِ، فَكَذَا هُنَا، فَإِنْ كَانَ النَّقْصُ بَيِّنًا كَالدَّانَقِ وَالدَّانَقَيْنِ لَمْ يَجِبْ. (وَتَحْدِيدًا فِي غَيْرِهِمَا)، أَيْ: غَيْرِ الْأَثْمَانِ وَالْعُرُوضِ مِنْ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ وَالْمَوَاشِي، فَإِنْ نَقَصَ نِصَابُهَا، وَلَوْ بِجُزْءٍ يَسِيرٍ، لَمْ تَجِبْ، (فَلَا تَجِبُ) الزَّكَاةُ (مَعَ نَقْصِ مَاشِيَةٍ جُزْءًا، وَ) لَا مَعَ نَقْصِ (حَبٍّ) وَلَوْ (يَسِيرًا) كَصَاعٍ، (لَكِنْ لَا اعْتِبَارَ بِنَقْصٍ يَتَدَاخَلُ فِي الْمَكَايِيلِ، كَأُوقِيَّةٍ. كَذَا قِيلَ)، يُشِيرُ إلَى ضَعْفِهِ، مَعَ أَنَّهُ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: جَزَمَ بِهِ الْأَئِمَّةُ. (وَتَجِبُ) الزَّكَاةُ (فِيمَا زَادَ عَلَى النِّصَابِ بِحِسَابِهِ)، كَمَا يَأْتِي، (إلَّا السَّائِمَةَ، فَلَا زَكَاةَ فِي وَقْصِهَا)، لِمَا رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ فِي غَرِيبِهِ مَرْفُوعًا: «لَيْسَ فِي الْأَوْقَاصِ صَدَقَةٌ» وَقَالَ: الْوَقْصُ مَا بَيْنَ النِّصَابَيْنِ. وَفِي حَدِيثِ «مُعَاذٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: أَمَرْت فِي الْأَوْقَاصِ بِشَيْءٍ؟ قَالَ: لَا وَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: لَا» رَوَاه الدَّارَقُطْنِيّ. فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ لَهُ تِسْعٌ مِنْ إبِلٍ مَغْصُوبَةٍ، فَأَخَذَ مِنْهَا بَعِيرًا بَعْدَ الْحَوْلِ، زَكَّاهُ بِخُمْسِ شَاةٍ. (وَتَلْزَمُ) الزَّكَاةُ (مَالِكَ نِصَابٍ، وَلَوْ) كَانَ النِّصَابُ (مَغْصُوبًا) بِيَدِ غَاصِبٍ أَوْ مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ مِنْهُ أَوْ تَالِفًا، لِأَنَّهُ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْإِبْرَاءِ وَالْحَوَالَةِ، أَشْبَهَ الدَّيْنَ، فَيُزَكِّيهِ رَبُّهُ إذَا قَبَضَهُ لِمَا مَضَى. (وَيَرْجِعُ) رَبُّهُ (بِزَكَاتِهِ)، أَيْ: الْمَغْصُوبِ، (عَلَى غَاصِبٍ) لَا نَقْصَ حَصَلَ بِيَدِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ (أَوْ) كَانَ (ضَالًّا)، فَيُزْكِيهِ مَالِكُهُ إذَا وَجَدَهُ لِحَوْلِ التَّعْرِيفِ، لِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ، (وَزَمَنُ مِلْكِهِ مُلْتَقَطٌ) وَهُوَ بَعْدَ حَوْلِ التَّعْرِيفِ (عَلَيْهِ)، أَيْ: عَلَى الْمُلْتَقِطِ، لِأَنَّهُ مِلْكُهُ فَيُزْكِيهِ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ. (وَيَرْجِعُ) رَبُّ مَالٍ ضَالٍّ (بِهَا)، أَيْ: بِزَكَاتِهِ (عَلَى مُلْتَقِطٍ أَخْرَجَهَا)، أَيْ: الزَّكَاةَ (مِنْهَا)- أَيْ: اللَّقَطَةِ- وَلَوْ لِحَوْلِ التَّعْرِيفِ، لِتَعَدِّيهِ بِالْإِخْرَاجِ: وَلَا تُجَزِّئُ عَنْ رَبِّهَا، وَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ غَيْرِهَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى رَبِّهَا بِشَيْءٍ (أَوْ) كَانَ (غَائِبًا) فَتَجِبُ زَكَاتُهُ كَالْحَاضِرِ، (أَوْ) كَانَ (مَشْكُوكًا فِي بَقَائِهِ) فَتَجِبُ زَكَاتُهُ كَالْغَائِبِ (خِلَافًا لِلْمُنْتَهَى) حَيْثُ قَالَ: لَا إنْ شَكَّ فِي بَقَائِهِ، قَالَ فِي شَرْحِهِ: بِأَنْ شَكَّ: هَلْ هُوَ حَيٌّ أَوْ مَيِّتٌ؟ فَإِنَّ زَكَاتَهُ لَا تَجِبُ مَعَ الشَّكِّ، وَقَالَ الْبُهُوتِيُّ: لِعَدَمِ تَيَقُّنِ السَّبَبِ لَكِنْ مَتَى وَصَلَ إلَى يَدِهِ زَكَّاهُ لِمَا مَضَى مُطْلَقًا. انْتَهَى.
قُلْت: لَا فَائِدَةَ فِي قَوْلِهِ: أَوْ مَشْكُوكًا فِي بَقَائِهِ، لِأَنَّهُ وَإِنْ عُلِمَ بَقَاؤُهُ لَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ إلَّا إذَا حَصَلَ فِي يَدِهِ، (أَوْ) كَانَ (مَسْرُوقًا، أَوْ مَدْفُونًا مَنْسِيًّا) بِدَارٍ أَوْ غَيْرِهَا، (أَوْ) كَانَ (مَوْرُوثًا جَهِلَهُ)، أَيْ: إرْثَهُ لَهُ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِمَوْتِ مُورِثِهِ، أَوْ كَانَ مَوْقُوفًا لِجَنِينٍ وَخَرَجَ مَيِّتًا، (أَوْ) كَانَ مَوْرُوثًا وَجَهِلَ (عِنْدَ مَنْ هُوَ) بِأَنْ عَلِمَ مَوْتَ مُورِثِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَيْنَ مُورِثُهُ. (وَنَحْوُهُ) كَمَوْهُوبٍ قَبْلَ قَبْضِهِ، (وَيُزَكِّي مَا مَرَّ) مِنْ مَغْصُوبٍ، وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ (إذَا قَدَرَ) رَبُّهُ (عَلَيْهِ) بِأَخْذِهِ مِنْ غَاصِبِهِ وَمُلْتَقِطِهِ، أَوْ حُضُورِ غَائِبٍ أَوْ عِلْمِهِ بِمَشْكُوكٍ فِيهِ وَحُصُولِهِ أَوْ أَخْذِهِ مِنْ سَارِقِهِ، أَوْ عِلْمِهِ بِمَدْفُونٍ أَوْ مَوْرُوثٍ، وَقَبْضِ مَوْهُوبٍ كُلًّا أَوْ بَعْضًا، فَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ جَمِيعِ النِّصَابِ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ، بَلْ كُلَّمَا وَصَلَ إلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ زَكَّاهُ، وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ فَلَا تَجِبُ قَبْلَ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لَهَا، (أَوْ) كَانَ النِّصَابُ (مَرْهُونًا)، فَتَجِبُ فِيهِ كَغَيْرِهِ، (وَيُخْرِجُهَا)، أَيْ: زَكَاةَ الْمَرْهُونِ (رَاهِنٌ مِنْهُ)، أَيْ: الْمَرْهُونَ، (بِلَا إذْنِ) مُرْتَهِنٍ (إنْ تَعَذَّرَ غَيْرُ)- أَيْ: الْمَرْهُونَ- بِأَنْ كَانَ غَيْرُهُ غَائِبًا أَوْ مَغْصُوبًا وَنَحْوَهُ، كَمَا تَقَدَّمَ جِنَايَةُ رَهْنٍ عَلَى دَيْنِهِ، لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِعَيْنِهِ، وَتَقَدَّمَ عَلَى حَقِّ مَالِكِهِ، فَكَذَا عَلَى حَقِّ مُرْتَهِنٍ، (وَيَأْخُذُ مُرْتَهِنٌ) مِنْ رَاهِنٍ أَخْرَجَ زَكَاةَ رَهْنٍ مِنْهُ (عِوَضَ زَكَاةٍ إنْ أَيْسَرَ) رَاهِنٌ بِأَنْ حَضَرَ مَالُهُ الْغَائِبُ، أَوْ انْتَزَعَ الْمَغْصُوبَ وَنَحْوَهُ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَ الرَّهْنَ أَوْ بَعْضَهُ، (أَوْ) كَانَ النِّصَابُ (دَيْنًا) عَلَى مُوسِرٍ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا؛ لِأَنَّ تَأْجِيلَهُ تَكَسُّبٌ، وَاسْتِنْمَاءٌ بِرِضَى رَبِّهِ وَاخْتِيَارِهِ، قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى وَعَنْ عَلِيٍّ: فِي الدَّيْنِ الظَّنُونُ إنْ كَانَ صَادِقًا، فَيَلْزَمُهُ إذَا قَبَضَهُ لِمَا مَضَى. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَحْوُهُ، رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ، قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ فِي مَادَّةِ ظَنَّ بِالْمُعْجَمَةِ، وَكَصَبُورٍ مِنْ الدُّيُونِ: مَا لَا يَدْرِي أَيَقْضِيهِ أَخْذُهُ أَوْ لَا؟ (غَيْرَ بَهِيمَةِ نِعَمٍ)، فَلَا زَكَاةَ فِيهَا إذَا كَانَتْ دَيْنًا، بِأَنْ جَعَلَهَا مَوْصُوفَةً فِي الذِّمَّةِ عِوَضًا فِي بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لِعَدَمِ السَّوْمِ، فَإِنْ عُيِّنَتْ زُكِّيَتْ كَغَيْرِهَا. (وَيَتَّجِهُ: وَ) غَيْرَ دَيْنٍ عَلَى (مُعْسِرٍ)، أَيْ: فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، لِتُعَذِّر قَبْضِهِ عَادَةً، وَلِعَدَمِ صِحَّةِ الْحَوَالَةِ بِهِ، أَشْبَهَ التَّالِفَ قَبْلَ الْحَوْلِ، هَذَا عَلَى كَوْنِ مُعْسِرٍ- بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ- غَيْرُ مُتَّجِهٍ، لِإِمْكَانِ إيسَارِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَمُعَشَّرٌ: بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَتَشْدِيدِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ: وَغَيْرَ مُعَشَّرٍ إذَا كَانَ مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ، عِوَضًا عَنْ نَحْوِ بَيْعٍ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ إلَّا بِالِاسْتِيفَاءِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ عَرْضَ تِجَارَةٍ فَتَجِبُ فِيهِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْعُرُوضِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (أَوْ) غَيْرَ (دِيَةٍ وَاجِبَةٍ) عَلَى قَاتِلٍ أَوْ عَاقِلَتِهِ فَلَا تُزَكَّى، لِأَنَّهَا لَمْ تَتَعَيَّنْ مَالًا زَكَوِيًّا، لِأَنَّ الْإِبِلَ أَصْلٌ أَوْ أَحَدُ الْأُصُولِ، (أَوْ) غَيْرَ (دَيْنِ سَلَمٍ)، فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ وَالْحَوَالَةِ بِهِ، وَعَلَيْهِ (مَا لَمْ يَكُنْ) دَيْنُ السَّلَمِ (أَثْمَانًا)، فَتَجِبُ فِيهَا لِوُجُوبِهَا فِي عَيْنِهَا، (أَوْ) يَكُنْ دَيْنُ السَّلَمِ (لِتِجَارَةٍ)، فَتَجِبُ فِي قِيمَتِهِ كَسَائِرِ عُرُوضِهَا. (وَلَوْ) كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي قُلْنَا: تَجِبُ زَكَاتُهُ (مَجْحُودًا بِلَا بَيِّنَةٍ)، لِأَنَّ جَحْدَهُ لَا يُزِيلُ مِلْكَ رَبِّهِ عَنْهُ، وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَا يُزَكِّيهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ، (وَتَسْقُطُ زَكَاتُهُ)، أَيْ: الدَّيْنِ (إنْ سَقَطَ قَبْلَ قَبْضِهِ بِلَا عِوَضٍ، وَلَا إسْقَاطٍ كَصَدَاقٍ سَقَطَ لِفَسْخٍ) مِنْ جِهَتِهَا، أَوْ تَنَصَّفَ لِطَلَاقِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَكَدَيْنٍ بِذِمَّةِ رَقِيقٍ يَبْلُغُ نِصَابًا فَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، ثُمَّ مَلَكَ رَبُّ الدَّيْنِ الرَّقِيقَ سَقَطَ الدَّيْنُ وَزَكَاتُهُ لِسُقُوطِهِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ وَلَا إسْقَاطٍ. (وَثَمَنِ نَحْوِ مَكِيلٍ) كَمَوْزُونٍ (تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ) بَعْدَ الْحَوْلِ، (وَمَوْتِ مَدِينٍ مُفْلِسًا) فَتَسْقُطُ زَكَاتُهُ فِي الْكُلِّ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ، وَلَا تَلْزَمُ فِي شَيْءٍ تَعَذَّرَ حُصُولُهُ، وَمِثْلُهُ مَوْهُوبٌ لَمْ يُقْبَضْ رَجَعَ فِيهِ وَاهِبٌ بَعْدَ الْحَوْلِ، فَتَسْقُطُ عَنْ مَوْهُوبٍ لَهُ، (وَإِلَّا) يَسْقُطْ قَبْلَ قَبْضِهِ بِلَا عِوَضٍ، وَلَا إسْقَاطٍ (فَلَا) تَسْقُطُ زَكَاتُهُ، (فَيُزَكِّي) الدَّيْنَ (إذَا قَبَضَ) أَوْ عُوِّضَ عَنْهُ، أَوْ أُحِيلَ بِهِ أَوْ عَلَيْهِ (أَوْ أُبْرِئَ مِنْهُ لِمَا مَضَى) مِنْ السِّنِينَ، وَلَا يَجِبُ الْإِخْرَاجُ قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ مُوَاسَاةً، وَلَيْسَ مِنْهَا إخْرَاجُ زَكَاةِ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ (وَيُجْزِئُ إخْرَاجُهَا)، أَيْ: زَكَاةِ الدَّيْنِ (قَبْلَ) قَبْضِهِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْهُ، لِقِيَامِ الْوُجُوبِ عَلَى رَبِّهِ، وَعَدَمُ إلْزَامِهِ بِالْإِخْرَاجِ إذَنْ رُخْصَةٌ، وَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ، (وَلَوْ قَبَضَ) رَبُّ دَيْنٍ مِنْهُ (دُونَ نِصَابٍ) زَكَّاهُ، وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَ مِنْهُ، (أَوْ كَانَ بِيَدِهِ) دُونَ نِصَابٍ (وَبَاقِيهِ)، أَيْ: النِّصَابِ (دَيْنٌ أَوْ غَصْبٌ أَوْ ضَالٌّ زَكَّاهُ) أَيْ: مَا بِيَدِهِ؛ لِأَنَّهُ مَالِكُ نِصَابٍ مِلْكًا تَامًّا، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَبَضَهُ كُلَّهُ، أَوْ كَانَ بِيَدِهِ كُلُّهُ. (وَفِي الْإِقْنَاعِ وَلَعَلَّهُ فِيمَا إذَا ظَنَّ رُجُوعَهُ)، أَيْ: الضَّالِّ وَنَحْوِهِ (وَإِنْ زَكَّتْ) امْرَأَةٌ (صَدَاقَهَا كُلَّهُ) بَعْدَ الْحَوْلِ، وَهُوَ فِي مِلْكِهَا، (ثُمَّ تَنَصَّفَ) الصَّدَاقُ بِطَلَاقٍ وَنَحْوِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ، (أَوْ سَقَطَ) الصَّدَاقُ كُلُّهُ بِفَسْخٍ مِنْ جِهَتِهَا لِفَسْخِهَا لِعَيْبِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ، (رَجَعَ) الزَّوْجُ (فِيمَا بَقِيَ) مِنْ الصَّدَاقِ (بِكُلِّ حَقِّهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} فَلَوْ أَصْدَقهَا ثَمَانِينَ، فَحَالَ الْحَوْلُ وَزَكَّتْهَا أَوْ لَا، رَجَعَ بِأَرْبَعِينَ، وَتَسْتَقِرُّ الزَّكَاةُ عَلَيْهَا. (وَلَا تُجْزِئُهَا زَكَاتُهَا مِنْهُ) أَيْ: الصَّدَاقِ (بَعْدَ) طَلَاقِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَوْ حَالَ الْحَوْلُ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ، فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ. (وَيَتَّجِهُ: إجْزَاءُ) هَا الْإِخْرَاجَ (فِي قَدْرِ مَا يَخُصُّهَا)، وَتَغْرَمُ لَهُ نِصْفَ مَا أَخْرَجَتْ عَلَى قَوْلٍ مَرْجُوحٍ عَبَّرَ عَنْهُ صَاحِبُ الْإِنْصَافِ: بِقِيلَ (وَيُزْكِي مُشْتَرٍ مَبِيعًا مُتَعَيَّنًا) كَنِصَابِ سَائِمَةٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ مَوْصُوفٍ مِنْ قَطِيعٍ مُعَيَّنٍ، (أَوْ) مَبِيعًا (مُتَمَيِّزًا): كَهَذِهِ الْأَرْبَعِينَ شَاةً، هَذَا حَاصِلُ كَلَامِ ابْنِ قُنْدُسٍ، قَالَ: فَكُلُّ مُتَمَيِّزَةٍ مُتَعَيِّنَةٌ، وَلَيْسَ كُلُّ مُتَعَيِّنَةٍ مُتَمَيِّزَةً، (وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ)، أَيْ: الْمَبِيعَ الْمُتَعَيِّنَ أَوْ الْمُتَمَيِّزَ مُشْتَرٍ (حَتَّى انْفَسَخَ) الْبَيْعُ (بَعْدَ الْحَوْلِ)؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ رَفْعٌ لِلْعَقْدِ مِنْ حِينِ الْفَسْخِ لَا مِنْ أَصْلِهِ، (وَمَا عَدَاهُمَا)، أَيْ: الْمُتَعَيِّنَ أَوْ الْمُتَمَيِّزَ يُزَكِّيهِ (بَائِعٌ كَ) أَرْبَعِينَ شَاةً مَوْصُوفَةً (فِي ذِمَّةِ) بَائِعٍ (أَقَبَضَ) الْمُشْتَرِي ثَمَنَهَا، وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، وَهِيَ عِنْدَ الْبَائِعِ، فَزَكَاتُهَا (عَنْهُ)، أَيْ: عَنْ ذَلِكَ الْحَوْلِ عَلَى الْبَائِعِ، وَكَذَلِكَ يُزَكِّيهَا عَمَّا بَعْدَهُ (مَا) دَامَتْ (فِي يَدِهِ) إلَى أَنْ يَقْبِضَهَا الْمُشْتَرِي، وَإِنَّمَا لَمْ تُوجَبْ زَكَاتُهَا عَلَى الْمُشْتَرِي، لِعَدَمِ دُخُولِهَا فِي مِلْكِهِ، وَلَا يَضْمَنُهَا الْمُشْتَرِي وَلَوْ تَلِفَتْ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهَا، لَكِنَّ تَسْمِيَتَهَا مَبِيعَةً فِيهِ تَسَمُّحٌ؛ لِأَنَّهَا عَلَى صِفَةِ الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا الْبَيْعُ فِي الذِّمَّةِ، أَيْ: شَيْءٌ سَلَّمَهُ الْبَائِعُ عَنْهُ بِالصِّفَاتِ لَزِمَ قَبُولُهُ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا: إذَا لَمْ يَنْقُصْ النِّصَابُ بِهَا، وَإِلَّا، فَيَأْتِي لَا زَكَاةَ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُنْقِصُ النِّصَابَ، وَلَا زَكَاةَ عَلَى الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ فِي الْمِثَالِ؛ لِأَنَّ دَيْنَ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ لَا زَكَاةَ فِيهَا، لِعَدَمِ السَّوْمِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمَبِيعُ الْمَوْصُوفُ فِي الذِّمَّةِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ عُرُوضَ تِجَارَةٍ، فَزَكَاتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي (وَلَا زَكَاةَ عَلَى أَحَدٍ فِي) مَالٍ (مُوصًى بِهِ) لِمُعَيَّنٍ (قَبْلَ قَبُولٍ وَرَدٍّ خِلَافًا لَهُ)، أَيْ: لِصَاحِبِ الْإِقْنَاعِ (هُنَا)، حَيْثُ أَطْلَقَ فَقَالَ: وَالْمَالُ الْمُوصَى بِهِ يُزَكِّيهِ مَنْ حَالَ الْحَوْلُ، وَهُوَ عَلَى مِلْكِهِ، وَلَوْ وَصَّى بِنَفْعِ نِصَابِ سَائِمَةٍ زَكَّاهَا مَالِكُ الْأَصْلِ، وَقَالَ فِي الْوَصَايَا: لَوْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ زَكَوِيًّا وَتَأَخَّرَ الْقَبُولُ مُدَّةً تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا بِمِثْلِهَا، فَلَا زَكَاةَ فِيهِ (الرَّابِعُ: تَمَامُ الْمِلْكِ) فِي الْجُمْلَةِ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ النَّاقِصَ لَيْسَ بِنِعْمَةٍ كَامِلَةٍ، وَهِيَ إنَّمَا تَجِبُ فِي مُقَابَلَتِهَا، إذْ الْمِلْكُ التَّامُّ عِبَارَةٌ عَمَّا كَانَ بِيَدِهِ، لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ غَيْرِهِ، يَتَصَرَّفُ فِيهِ عَلَى حَسْبِ اخْتِيَارِهِ، وَفَوَائِدُهُ حَاصِلَةٌ، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي. (وَلَوْ) كَانَ تَمَامُ الْمِلْكِ (فِي مَوْقُوفٍ عَلَى مُعَيَّنٍ عَنْ سَائِمَةٍ) نَصًّا إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ، لِعُمُومِ النُّصُوصِ، وَلِأَنَّ الْمِلْكَ يَنْتَقِلُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ عَلَى الْمَذْهَبِ، أَشْبَهَ سَائِرَ أَمْلَاكِهِ، (أَوْ) مِنْ (غَلَّةِ أَرْضٍ وَ) غَلَّةِ (شَجَرٍ) مَوْقُوفَيْنِ عَلَى مُعَيَّنٍ نَصًّا إنْ بَلَغَتْ نِصَابًا؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ وَالثَّمَرَ لَيْسَا وَقْفًا بِدَلِيلِ بَيْعِهِمَا. (وَيُخْرِجُ) الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الزَّكَاةَ (مِنْ غَيْرِ السَّائِمَةِ وَ) غَيْرِ (أَوْلَادِهَا)، إذْ السَّائِمَةُ بِخُرُوجٍ عَنْهَا لَا مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يَجُوزُ نَقْلُ الْمِلْكِ فِيهِ (إنْ بَلَغَتْ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ نِصَابًا) مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ مِنْ غَلَّةِ أَرْضٍ وَشَجَرٍ (نِصَابًا)، وَإِلَّا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْخُلْطَةِ فِي غَيْر الْمَاشِيَةِ، (فَلَا زَكَاةَ عَلَى سَيِّدِ) مُكَاتَبٍ (فِي دَيْنِ كِتَابَةٍ) لِنَقْصِ مِلْكِهِ فِيهِ بِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهِ بِحَالٍ، وَعَدَمِ صِحَّةِ الْحَوَالَةِ عَلَيْهِ، وَضَمَانِهِ، وَمَا قَبَضَهُ مِنْهُ سَيِّدُهُ يَسْتَقْبِلُ بِهِ الْحَوْلَ إنْ بَلَغَ نِصَابًا، وَإِلَّا فَكَمُسْتَفَادٍ، وَكَذَا إنْ عَجَزَ وَبِيَدِهِ شَيْءٌ. (وَيَتَّجِهُ: وَلَا) تَجِبُ زَكَاةٌ (عَلَى مُسْتَحِقٍّ اسْتِحْقَاقُهُ دَيْنٌ مُوقَفٌ)، لِعَدَمِ تَمَامِ مِلْكِهِ، فَإِذَا قَبَضَهُ ابْتَدَأَ حَوْلَهُ مِنْ حِينِ الْقَبْضِ إنْ بَلَغَ نِصَابًا، وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَ) لَا زَكَاةَ فِي (حِصَّةِ مُضَارِبٍ) مِنْ رِبْحٍ (قَبْلَ قِسْمَتِهِ، وَلَوْ مُلِكَتْ) حِصَّتُهُ (بِالظُّهُورِ)، لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهِ؛ لِأَنَّهُ وِقَايَةٌ لِرَأْسِ الْمَالِ فَمِلْكُهُ نَاقِصٌ، (وَابْتِدَاءُ حَوْلِهِ مِنْ قِسْمَةٍ) أَوْ مَا أُجْرِيَ مَجْرَاهَا، فَيُزْكِي رَبُّ الْمَالِ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ كَرَأْسِ الْمَالِ لِمِلْكِهِ الرِّبْحَ بِظُهُورِهِ وَتَبْقِيَتِهِ لِمَالِهِ، بِخِلَافِ الْمُضَارَبِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ زَكَاةُ حِصَّةِ الْمُضَارَبِ مِنْ الرِّبْحِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكِهِ لَهَا. (وَلَا) تَجِبُ زَكَاةٌ (فِي) مَالٍ (مُعَيَّنٍ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ) وَلَمْ يَقُلْ: إذَا حَالَ الْحَوْلُ، فَلَا زَكَاةَ عَلَى رَبِّهِ لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ أَوْ نَقْصِهِ، وَكِلَاهُمَا مُسْقِطٌ لِلزَّكَاةِ، وَمَفْهُومُهُ: أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَحَالَ الْحَوْلُ، تَجِبُ زَكَاتُهُ، مَعَ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا أَنْ لَا زَكَاةَ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِقَدْرِهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ.
(وَ) لَا زَكَاةَ فِي (مَوْقُوفٍ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ) كَعَلَى الْفُقَرَاءِ، (أَوْ) مَوْقُوفٍ عَلَى (مَسْجِدٍ) أَوْ مَدْرَسَةٍ أَوْ رِبَاطٍ وَنَحْوِهِ، لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْمَالِكِ، (وَ) لَا زَكَاةَ فِي (غَنِيمَةٍ مَمْلُوكَةٍ) مِنْ أَجْنَاسٍ؛ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ قَسْمَهَا بِرَأْيِهِ، فَيُعْطِي كُلًّا مِنْ أَيِّ صِنْفٍ شَاءَ، بِخِلَافِ مِيرَاثٍ، (إلَّا) إذَا كَانَتْ الْغَنِيمَةُ (مِنْ جِنْسٍ) وَاحِدٍ، فَيَنْعَقِدُ الْحَوْلُ عَلَيْهَا، (إنْ بَلَغَتْ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْ الْغَانِمِينَ (نِصَابًا)، لِتَعَيُّنِ مِلْكِهِ فِيهِ، (وَإِلَّا) تَبْلُغْ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ نِصَابًا، (فَخُلْطَةٌ). وَيَأْتِي أَنَّهَا لَا تُؤَثِّرُ فِي غَيْرِ الْمَاشِيَةِ، وَلَا يَخْرُجُ قَبْلَ الْقَبْضِ كَالدَّيْنِ. (وَلَا) تَجِبُ زَكَاةٌ (فِي) مَالٍ (فَيْءٍ، وَ) لَا فِي (خُمُسِ) غَنِيمَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الصَّرْفِ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، (وَ) لَا فِي (نَقْدٍ مُوصًى بِهِ فِي وُجُوهِ بِرٍّ، أَوْ) مُوصًى (لِيُشْتَرَى) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ- (بِهِ وَقْفٌ)، لِعَدَمِ تَعْيِينِ مَالِكِهِ. (وَيَتَّجِهُ): الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِمْ: لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ مُوصًى بِهِ لِشِرَاءِ وَقْفٍ: أَيْ: (عَلَى غَيْرِ وَارِثِهِ)، أَمَّا عَلَيْهِمْ فَتَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ إذَا حَالَ الْحَوْلُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، وَقَبُولِهِمْ الْوَصِيَّةَ؛ لِأَنَّهُمْ مَلَكُوهَا بِمُجَرَّدِ مَوْتِهِ مِلْكًا تَامًّا، وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ قَبْلَ الشِّرَاءِ، فَوَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ كَبَقِيَّةِ أَمْوَالِهِمْ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَلَوْ رَبِحَ)، لِعَدَمِ تَعَيُّنِ مَالِكِهِ (وَالرِّبْحُ كَأَصْلٍ)، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَمَنْ وَصَّى بِدَرَاهِمَ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ لِيَشْتَرِيَ بِهَا مَا يُوقَفُ، فَاتَّجِرْ بِهَا الْوَصِيُّ، فَرِبْحُهُ مَعَ الْمَالِ فِيمَا وَصَّى بِهِ، وَلَا زَكَاةَ فِيهِمَا، وَيَضْمَنُ إنْ خَسِرَ، نَقَلَ ذَلِكَ الْجَمَاعَةُ. (وَلَا) زَكَاةَ (فِي مَالِ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ) حَالٌّ أَوْ مُؤَجَّلٌ (يُنْقِصُ النِّصَابَ)، بَاطِنًا كَانَ الْمَالُ، كَأَثْمَانٍ وَعُرُوضِ تِجَارَةٍ، أَوْ ظَاهِرًا، كَمَاشِيَةٍ وَحُبُوبٍ وَثِمَارٍ، لِمَا رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْأَمْوَالِ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ: هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ، فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَلِيُؤَدِّهِ، حَتَّى تُخْرِجُوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ وَفِي لَفْظٍ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيَقْضِ دَيْنَهُ، وَلْيُزَكِّ بَقِيَّةَ مَالِهِ وَقَدْ قَالَهُ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، فَدَلَّ عَلَى اتِّفَاقِهِمْ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يُنْكِرُوهُ، وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ وَجَبَتْ مُوَاسَاةً لِلْفُقَرَاءِ، وَشُكْرًا لِنِعْمَةِ الْغِنَى، وَحَاجَةُ الْمَدِينِ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ كَحَاجَةِ الْفَقِيرِ أَوْ أَشَدُّ، وَلَيْسَ مِنْ الْحِكْمَةِ تَعْطِيلُ حَاجَةِ الْمَالِكِ لِدَفْعِ حَاجَةِ غَيْرِهِ. (وَلَوْ) كَانَ الدَّيْنُ (كَفَّارَةً وَنَحْوَهُ) كَنَذْرٍ، (أَوْ) كَانَ (خَرَاجًا) عَنْ الْأَرْضِ، (أَوْ) كَانَ (زَكَاةَ غَنَمٍ عَنْ إبِلٍ)؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ، يَجِبُ قَضَاؤُهُ فَمَنَعَ كَدَيْنِ الْآدَمِيِّ، وَفِي الْحَدِيث: «دَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى» وَالزَّكَاةُ مِنْ جِنْسِ مَا وَجَبَتْ فِيهِ تَمْنَعُ بِالْأَوْلَى (لَا مَا) أَيْ: دَيْنًا (بِسَبَبِ ضَمَانٍ) فَلَا يَمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ فَرْعُ أَصْلٍ فِي لُزُومِ الدَّيْنِ، فَاخْتَصَّ الْمَنْعُ بِأَصْلِهِ لِتَرَجُّحِهِ، وَفِي مَنْعِ الدَّيْنِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِهِ إجْحَافٌ بِالْفُقَرَاءِ، وَلَا قَائِلَ بِتَوْزِيعِهِ عَلَى الْجِهَتَيْنِ، فَلَوْ غَصَبَ الْغَانِمُ فَغَصَبَهُ مِنْهُ آخَرُ وَاسْتَهْلَكَهُ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَلْفٌ، فَلَا زَكَاةَ عَلَى الثَّانِي، وَأَمَّا الْأَوَّلُ، فَتَجِبُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَدَّى الْأَلْفَ لَرَجَعَ بِهِ عَلَى الثَّانِي. (أَوْ) إلَّا (دَيْنَ حَصَادٍ وَجِذَاذٍ وَدِيَاسٍ، لِسَبْقِ وُجُوبِهَا)- أَيْ: الزَّكَاةِ- بِخِلَافِ الْخَرَاجِ، فَإِنْ لَمْ يُنْقِصْ الدَّيْنُ النِّصَابَ، فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيمَا يُقَابِلُ الدَّيْنَ لِمَا سَبَقَ، وَيُزَكِّي بَاقِيَهُ لِعَدَمِ الْمَانِعِ (خِلَافًا لَهُ)، أَيْ: لِصَاحِبِ الْإِقْنَاعِ (هُنَا) حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَالِ حَتَّى دَيْنُ خَرَاجٍ وَأَرْشِ جِنَايَةِ عَبْدِ التِّجَارَةِ، وَمَا اسْتَدَانَهُ لِمَئُونَةِ حَصَادٍ وَجِذَاذٍ وَدِيَاسٍ، (وَمَتَى بَرِيءَ) مَدِينٍ مِنْ دَيْنٍ بِنَحْوِ قَضَاءٍ مِنْ مَالٍ مُسْتَحْدَثٍ مِنْ إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إبْرَاءٍ، (ابْتَدَأَ حَوْلًا) مُنْذُ بَرِئَ؛ لِأَنَّ مَا مَنَعَ وُجُوبَ الزَّكَاةِ مَنَعَ انْعِقَادَ الْحَوْلِ وَقَطَعَهُ. (وَيَمْنَعُ أَرْشَ جِنَايَةِ عَبْدِ التِّجَارَةِ زَكَاةَ قِيمَتِهِ)؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ جَبْرًا لَا مُوَاسَاةً، بِخِلَافِ الزَّكَاةِ. (وَمَنْ لَهُ عَرَضٌ قُنْيَةٌ يُبَاعُ لَوْ أَفْلَسَ)، أَيْ: حُجِرَ عَلَيْهِ لِفَلِسٍ، بِأَنْ كَانَ فَاضِلًا عَنْ حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ، (يَفِي) الْعَرْضَ (بِدَيْنِهِ) الَّذِي عَلَيْهِ وَمَعَهُ مَالٌ زَكَوِيٌّ (جَعَلَ) الدَّيْنَ (فِي مُقَابَلَةِ مَا مَعَهُ) مِنْ مَالٍ زَكَوِيٍّ، (وَلَا يُزَكِّيهِ) لِئَلَّا تَخْتَلَّ الْمُوَاسَاةُ، وَلِأَنَّ عَرَضَ الْقُنْيَةِ كَمَلْبُوسِهِ فِي أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ الْعَرَضُ لِتِجَارَةٍ، زَكَّى مَا مَعَهُ نَصًّا. (وَكَذَا مَنْ بِيَدِهِ أَلْفٌ) لَهُ، (وَلَهُ عَلَى مَلِيءٍ) دَيْنٌ (أَلْفٌ وَعَلَيْهِ أَلْفٌ) دَيْنٌ فَيُجْعَلُ الدَّيْنُ فِي مُقَابَلَةِ مَا بِيَدِهِ فَلَا يُزَكِّيهِ وَيُزَكِّي الدَّيْنَ إذَا قَبَضَهُ، (وَلَا يَمْنَعُ الدَّيْنَ) وُجُوبُ (خُمُسِ الزَّكَاةِ)؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزَكَاةٍ حَقِيقِيَّةً كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا فِي بَيَانِ مَصْرِفِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ نِصَابٌ (وَتَجِبُ) الزَّكَاةُ (إذَا نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِنِصَابٍ) إذَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، (أَوْ) نَذَرَ الصَّدَقَةَ (بِهَذَا النِّصَابِ إذَا حَالَ) عَلَيْهِ (الْحَوْلُ)؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ عَلَيْهِ تَامٌّ، وَلَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهُ قَبْلَ الْحَوْلِ. (وَيَبْرَأُ) النَّاذِرُ (مِنْ زَكَاةٍ وَنَذْرٍ بِقَدْرِ مَا يُخْرِجُهُ مِنْهُ بِنِيَّةٍ عَنْهُمَا)، أَيْ: الزَّكَاةِ وَالنَّذْرِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا صَدَقَةٌ، كَمَا لَوْ نَوَى بِرَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةَ وَالرَّاتِبَةَ، وَكَذَا لَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِبَعْضِ النِّصَابِ، فَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِعَشْرٍ مِنْ الْأَرْبَعِينَ، وَحَالَ الْحَوْلُ، فَلَا زَكَاةَ فِيهَا، وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْعَشْرِ إذَا حَالَ الْحَوْلُ، وَجَبَتْ الزَّكَاةُ وَأَجْزَأَتْهُ مِنْهَا، وَبَرِئَ بِقَدْرِهَا مِنْ الزَّكَاةِ وَالنَّذْرِ إنْ نَوَاهُمَا جَمِيعًا. (وَيَلْزَمُ رَبَّ مَالٍ زَكَاةُ حِصَّتِهِ مِنْ رِبْحٍ كَأَصْلٍ) تَبَعًا لَهُ، (وَإِذَا أَدَّاهَا)، أَيْ: زَكَاةَ مَالِ الْمُضَارَبَةِ (مِنْ غَيْرِهِ)، أَيْ غَيْرِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، (فَرَأْسُ الْمَالِ بَاقٍ)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهِ مَا يُنْقِصُهُ.
(وَ) إنْ أَدَّى زَكَاتَهُ (مِنْهُ تُحْسَبُ) زَكَاتُهُ (مِنْ أَصْلِ الْمَالِ، وَ) مِنْ (قَدْرِ حِصَّتِهِ)، أَيْ: رَبِّ الْمَالِ (مِنْ رِبْحٍ)، فَيُنْقِصُ رُبْعَ عُشْرِ رَأْسِ الْمَالِ مَعَ عَدِّ رُبْعِ عُشْرِ حِصَّةِ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ، وَلَا تُحْسَبُ كُلُّهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَحْدَهُ، وَلَا مِنْ الرِّبْحِ وَحْدَهُ، (وَلَيْسَ لِعَامِلٍ إخْرَاجُ زَكَاةٍ تَلْزَمُ رَبَّ الْمَالِ بِلَا إذْنِهِ) نَصًّا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَلِيًّا لَهُ، وَلَا وَكِيلًا عَنْهُ فِيهَا (وَيَصِحُّ شَرْطُ كُلِّ مِنْهُمَا)، أَيْ: مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ (زَكَاةَ حِصَّتِهِ مِنْ رِبْحٍ عَلَى الْآخَرِ)؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِهِ لِنَفْسِهِ نِصْفَ الرِّبْحِ وَثُمُنَ عُشْرِهِ مَثَلًا، وَ(لَا) يَصِحُّ شَرْطُ (زَكَاةِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ) زَكَاةِ (بَعْضِهِ مِنْ رِبْحٍ)؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُحِيطُ بِالرِّبْحِ كَشَرْطِ فَضْلِ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ.